عوداً حميداً
انتهت الاجازة وبدأت معها دورة جديدة من الحياة العملية المرتبطة بالدوام الرسمي، ولا أخفيكم سراً أن مشاعر الحماسة والحيوية تملأ قلبي صباح أولَ يومِ عمل، وأشعر أني كطفلٍ للتو سيبدأ عامه الدراسي الجديد وقد هيأه والداه بما فيه الكفاية ليكون فرحاً بخوض هذه التجربة الجديدة أو في أقل أحواله يكون منتشياً بأزياءه التي سيلبسها غداً.
هذه المشاعر الطفولية المليئة بالترقب والنشاط أحرص تماماً على ألا أكتمها أو أتجاهلها، وأجد فيها السر لتهيئة نفسي للعودة مرة أخرى ومجابهة ضغوطات العمل والتزاماته، وأرى فيها الفرصة لاستثمار طاقتي نحو الإنتاجية الشخصية التي تعمل عملها في نهضة المجتمع والأمة.
نعم، قد تكون عبارة المجتمع والأمة كبيرة على منتوج شخص لا يشكل شيئاً بحسب الأرقام والإحصاءات، ولكنّ إيماناً عميقاً يسكنني تجاه كل شخص أنّ له دوراً هاماً في الحياة سواءً علمه أو جهله، وعدم العلم بالشيء لا يعني علماً بالعدم، بطريقة أخرى: عدم علمك بدورك الذي خلقت له، وعدم معرفتك للمعنى الذي تعيش من أجله لا يعني أن ليس لك دوراً أو معنى تعيش من أجله، وكم هي الحالات التي أراها وأشفق فيها على شبابٍ يافع قادرٍ على أن يصنع المستحيل ولكنه آثر القرار السهل، قرار الراحة والدعة، وصاحب هذا القرار أهون عليّ من آخرٍ رأى أنه قُدّر له أن يعيش هامشياً على حافة الطريق دون تأثير يذكر.
من ناحية أخرى، هل إنتاجيتنا مرتبطة بأيام الدوام الرسمي؟ وهل في أيام الإجازة نكون في استرخاء تام دون عمل أو إنجاز؟ ببساطة الإنتاجية ليست مرتبطة بظروف وأزمنة محددة غير أن الإجازة الرسمية هي مساحة لإعادة ترتيب الأولويات مع استمرارية الإنجاز والإنتاجية الشخصية، فأولوية الأسرة والالتفاف إلى الذات والعلاقات الشخصية ترتفع أسهمها بينما تنخفض أسهم العمل الرسمي وواجباته، وهكذا تختلف بحسب مصفوفة الأولويات لكل شخص مع استمرارية قيمتي الإنجاز والعطاء.
المحافظة على اللياقة العملية من المهم جداً أن يتعامل معها الشخص بذكاء وحسن إدارة لموارده وإمكانياته، لأن الأشخاص ذوو المسؤولية العالية يغرقون في المهام العملية ويتجاهلون مع الوقت مصفوفة الأولويات الأخرى، وبطبيعة الحال لن ينتهي العمل أبداً ولن يتوقف بغيابك، فاقدر لكل شيء قدره واعلم أنّ صحتك وصفاء ذهنك هما رأس مالك الذي تستثمر فيه عمرك كله.
عوداً حميداً لكل جميل يرى الوجود جميلاً، مديرك الذي ينهرك، الأوراق المتراكمة فوق مكتبك، قائمة المهام في بريدك الإلكتروني، العملاء المزعجون وشكايتهم المستمرة، زملاءك في العمل باختلاف ثقافاتهم ومهاراتهم الاتصالية، الروتين الذي يتفنن في ذبحك من الوريد إلى الوريد، عادتك السلبية في تأجيل المهام أو تصريفها إلى موظف آخر بذكاء أو بصفاقة في أغلب الأحوال، أياً من هذه الوقائع تعيشها، فثق أن غيرك في أرقى الشركات وأرداها يشاركك المعاناة، فلا تبتأس كثيراً واجعل من أحداثها فصولاً تروي تضحياتك وإنجازاتك وإذا لم تكن كذلك فالأمر كله أن تطويها وتعيش حياتك بسلام واستقرار.
سلمت يمينك استاذ احمد الشقاع مقال في قمة الروعة & انصح كل موظف بقراءته ليصل الى المهنية في العمل بشكل فعال انا اول وحده 🙄
إعجابإعجاب